آراء ومقالات

قطر تواصل الإبهار.. فعاليات ثقافية تخطف الأنظار

حسن حاموش

ما تشهده المناطق القطرية هذه الأيام يفوق بكثير ما تشهده الملاعب من مباريات ومنافسات، حيث نبض الثقافة يغطي جميع المناطق. وكأننا في أعراس ومهرجانات ثقافية بكل الفنون والألوان تستقطب الجماهير من مختلف الجنسيات والثقافات التي لم تخف إعجابها وانبهارها بما تشاهده في هذه الفعاليات.

وعندما نتأمل عدد الأنشطة والفعاليات المصاحبة لمونديال قطر 2022 ندرك أننا أمام رقم قياسي غير مسبوق (حوالي 6 الاف نشاط موزعة على فعاليات رئيسية). وهذا الكم من الفعاليات قد تعجز وسائل الاعلام عن تناوله بشكل مفصل. لكن الجماهير التي جاءت إلى قطر من أنحاء العالم تعيش تجربة لا تنسى مع الفعاليات الثقافية. وقد أخبرني صديق جاء مع أسرته من كندا (اعتاد حضور المونديال في العواصم العالمية) أن النسخة القطرية من المونديال فاقت كل التوقعات فلا يوجد وقت ضائع حيث برامج الفعاليات الثقافية والترفيهية تغطي كل دقيقة من وجودهم في الدوحة معرباً عن سعادته أن الفعاليات تشمل الكبار والصغار وجميع الأعمار. ويشير الى نقطة بالغة الأهمية تعريف الجمهور بالهوية العربية والإسلامية حيث كان يعاني في ربط أولاده بجذورهم العربية بعدما اندمجوا في المجتمع الكندي في حين أن الفعاليات المصاحبة سهلت عليه هذه المهمة.

لقد نجحت قطر في تحويل المونديال إلى عرس ثقافي يمد جسور التواصل والتفاعل بين الشعوب والحضارات وذلك عبر برامج انشطة وفعاليات مدروسة بإتقان بحيث تلبي التطلعات وترضي جميع الاذواق مع الحرص على الحضور الخليجي والعربي في هذه الفعاليات.

واذا كان مصطلح:”الدوحة عاصمة الرياضة العالمية” يتردد على السنة جمهور المونديال فإنه يصح القول ان الدوحة في هذه الأيام عاصمة الثقافة العالمية فهي تحاكي جميع الثقافات وتقدم أنشطة تعبر عن تمازج الحضارات وتفاعلها.

وحدها الفعاليات الثقافية تصنع قصصا وتجارب تبقى محفورة في ذاكرة ضيوف الدوحة من مختلف الأجناس والجنسيات. ولذلك اختارت اللجنة العليا للارث برامج ثقافية وترفيهية تغطي المناطق بمشاركة وتكاتف جميع الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة وقد كان لوزارة الثقافة الحضور الأساسي والبصمة المميزة في الانشطة والفعاليات فيما حضرت كتارا لتتبوأ بجدارة لقب نبض الثقافة في المونديال بوصفها قرية كونية للثقافة العالمية لتسجل رقماً قياسياً يتجاوز الثلاثمائة فعالية وتستقطب أكبر نسبة من جماهير المونديال. إلى جانب فعاليات الجماهير في حديقة البدع وبرامج مؤسسة قطر ومبادرة “قطر تبدع” لمتاحف، فيما درب لوسيل تحول الى وجهة دائمة للجمهور. وحاز كورنيش الدوحة على النصيب الأكبر حيث خصصت واجهة بحرية بطول 6 كيلومترات. وتألق سوق واقف بفعالياته المفضلة لجمهور المونديال، وكذلك جزيرة المها وسوق الوكرة. وتم تتويج هذه الفعاليات بالبرامج الإحتفالية باليوم الوطني وأبرزها فعاليات درب الساعي التي دشنها سعادة وزير الثقافة وتضم أكثر من اربعة الاف فعالية ونشاط متنوعة تمنح الزائر فرصة التعرف على التراث القطري والثقافة القطرية وطبيعة الحياة في قطر.

لقد نجحت قطر في تقديم نسخة مونديالية مبهرة تخطف الأنظار على كل المستويات وخصوصاً في الرياضة والفعاليات الثقافية. ووضعت أمام الراغبين باستضافة النسخ القادمة من المونديال تحديا جديدا من خلال الفعاليات الثقافية وهو تحد يستعصي على الاخرين انجازه.

يمكن القول ان هذا الكم القياسي من الفعاليات المصاحبة يجعل مونديال قطر 2022 ينفرد ببصمة ثقافية حملت رسالة إنسانية بطريقة إبداعية حيث معظم الناس تفضل الحصول على قصص مبتكرة تتعرف من خلالها على الافكار والقيم والفنون والأدب وبالتالي فإن جمهور المونديال يغادر الدوحة وقد حفظت ذاكرته عاداتنا وقيمنا الثقافية. فالثقافة كما يقول الروائي الفرنسي ميلان كونديرا “ذاكرة الشعب والوعي الجماعي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى