لعنة الأرض تضرب مجددًا.. “كولر” يدفع الثمن.. والشيف ما زال في المطبخ !!

بقلم: دكتور وائل يحي محمد علي
المركز القطري للتشخيص والعلاج بالحجامة
صوفيا- بلغاريا
بينما كنت أتبادل أطراف الحديث مع بعض لاعبي المنتخب السوداني السابقين، ممن خاضوا تجارب الاستشفاء بالحجامة خلال فترتي مع المنتخب الوطني، دارت بيننا نقاشات قبل انطلاقة مباراة الأهلي المصري وصن داونز الجنوب إفريقي. قلتها بثقة: “الأهلي لن يفوز رغم كل المؤشرات التي تصب في مصلحته”. ضحك البعض، وتساءل آخرون: ما علاقة الطب بالكورة؟ دقائق معدودة، وتقدم الأهلي بهدف. لحظة صمت.. ثم همست من جديد: “عند كلامي”، وفعلاً.. خرج الأهلي من قلب ملعبه، خاسرًا، تاركًا خلفه دموعًا وندمًا أهلاويًا.
إنها لعنة مباراة العودة على الأرض، وهي لعنة متكررة في الأدوار الإقصائية من البطولات الإفريقية. من يظن أن اللعب على الأرض وبين الجماهير ميزة مطلقة، يتجاهل معطيات السفر، ضغط المباريات، الإرهاق البدني والذهني، والأهم: ضعف برامج الاستشفاء التي تمثل الفارق الخفي بين الفرق القوية والفرق الجاهزة.
الأهلي، الفريق الكبير، سافر مرتين خلال فترة قصيرة إلى جنوب إفريقيا وعاد، بينما اكتفى صن داونز برحلة واحدة. هذه التفاصيل الصغيرة تُحدث فرقًا كبيرًا، خصوصًا حين يكون الجهاز الطبي في النادي عاجزًا عن إعادة اللاعبين إلى أقصى درجات الجاهزية خلال فترات قصيرة.
ما يحدث في الأهلي ليس جديدًا. الإصابات المزمنة، تكرار الغيابات، البداية المتعثرة دومًا في البطولة الإفريقية، كلها مؤشرات على خلل في منظومة الاستشفاء والوقاية. علي معلول مثال صارخ.. لاعب بقيمة كبيرة، أُهمل بدنيًا حتى أصبح الغياب عنوانه، وتبعه غيره.

تغيرات الضغط الجوي، إرهاق السفر، ضعف جودة النوم، كلها تؤثر على الجهاز العصبي والعضلي للاعب. والنتيجة؟ بداية قوية تنهار تدريجيًا في الشوط الثاني، وكأن اللاعبين يتحولون إلى “أشباح متحركة” لا تملك طاقة ولا تركيزًا.
المدرب كولر، كغيره من المدربين، جاء بفريقه الفني: مساعد، مدرب لياقة، محلل أداء.. لكنه اعتمد على الجهاز الطبي الموجود. هذا هو الخطأ. الطبيب هو “الشيف” في مطبخ الفريق، فإذا ما اختلت وصفته، ساء طعم الأداء، وترك الزبائن الطاولة. لا تلموا الجرسونات (اللاعبين) ولا مدير المطعم (المدرب)، طالما الشيف ما زال يطهو نفس الوجبة.
الأطباء يعطون الضوء الأخضر لعودة لاعبين غير مكتملين بدنيًا، ويغلفون قراراتهم بالأشرطة الملونة التي تخدع الجميع. هناك من هو جاهز لـ90 دقيقة، وآخر لـ45 فقط، وثالث لا يجب أن يدخل الملعب أصلاً. لكنهم جميعًا يدخلون، فينهار الفريق في الشوط الثاني، ويدفع المدرب الثمن.
كولر مظلوم.. والمدرب القادم سيكون ضحية جديدة ما لم يُراجع الأهلي مطبخه الطبي. فكما نخسر اللاعبين.. نخسر المدربين، ونخسر الملايين، و”الخطأ يتكرر” لأن الشيف ذاته ما زال في مكانه.. يعد الوصفات نفسها.. ويتسبب في نفس خيبة الأمل
