آراء ومقالات

أن تخسر على مسرح أولدترافورد.. ليست نهاية العالم !!

حسام عبد الكريم

أوقفت كتيبة مانشستر يونايتد قطار أرسنال عند محطة الانتصار الخامس، وكبدته خسارته الأولى هذا الموسم على مسرح اولدترافورد، في ليلة سطّر فيها ماركوس راشفورد اسمه بهدفين وتمريرة حاسمة لتنتهي قمة الجولة السادسة بثلاثية حمراء مقابل هدف يتيم.

تمركز زينشينكو في العمق بدلا عن بقائه على الخط

زيارات أرسنال لمسرح الأحلام قلّما تبعث بالتفاؤل لكتيبة المدفعجية، ولكنها في الوقت ذاته لم تعد بذات القلق الذي اعتادت عليه الجماهير، ففي آخر ثلاثة تنقلات للنادي اللندني صوب مدينة مانشستر تساوت احتمالات نتيجة المباراة بفوز وتعادل وخسارة، لذلك كان مبررًا أن يدخل أرتيتا اللقاء ونظره على نقاط المباراة الثلاث ليكرر ما فعله في زيارته الأولى لنفس الملعب.

في لقاء الأمس، وبعودة زينشينكو للتشكيل الأساسي راهن أرتيتا على أفكاره المعتادة، واعتمد على الظهير الأوكراني في عملية البناء بدخوله لعمق الملعب بدلًا من بقائه على الخط، وهنا كانت المباراة الخاصة الأولى التي اختار خوضها تين هاغ. الأخير فاجأ الجميع بإشراكه للوافد الجديد أنتوني أساسيًا، وهي إشارة واضحة لاستغلال هذه الجبهة في حال قرر زينشنكو ترك هذه المساحة، كما أنه حاول إفراغ المساحة بين الظهير الأوكراني وقلب الدفاع غابرييل. وتحقق ذلك نظريًا في لقطة الهدف الافتتاحي الذي سجله أنتوني مستغلًا سوء تقدير زينشنكو بالاشتراك في اللعبة بدلًا عن تغطية المساحة خلف ظهره، وهنا سُجّلت نقطة في صحيفة تين هاغ.

شوط المباراة الأول انتهى على وقع هدف أنتوني، برغم استمرار الفريق اللندني في محاولاته الباحثة عن التعديل، وهو ما استحقه بعد ربع ساعة من بداية الشوط الثاني. هدف أرسنال كان نتاجًا للضغط الذي مارسه الفريق، وهو ما استحقه بعد وصوله المتكرر لمنطقة جزاء اليونايتد. هنا تحدّثنا الأرقام بأن عدد لمسات غابرييل مارتينلي للكرة داخل منطقة جزاء اليونايتد 9 مرات، تجاوز إجمالي لمسات لاعبي اليونايتد للكرة داخل منطقة جزاء أرسنال 8. أما ساكا فلمس الكرة 8 مرات داخل الصندوق، و سجل تشاكا وجيسوس 7 لمسات لكل لاعب في حين اكتفى مارتين أوديغارد بلمس الكرة 6 مرات داخل منطقة الجزاء.

باستقراء هذه الأرقام، يتساءل معظم المشاهدين كيف لكل هذه اللمسات أن تترجم إلى هدف وحيد في لوحة النتيجة، والإجابة قد تبدو نظرية إلا أنها تحمل أوجه الحقيقة كاملةً. سوء اللمسة الأخيرة والقرار ما قبلها هو ما بدّد كل هذه الأرقام، ففي معظم اللقطات كان قرار التمرير أو التسديد من قبل حامل الكرة الأسوأ من حيث تحقيق الخطورة للفريق، وتلك معضلةٌ تتطلب حهدًا من طاقم الجهاز الفني لرفع جودة قرارات اللاعبين في الثلث الأخير، لا سيما وأن مباريات كهذه سيتم فيها معاقبتك من نصف فرصة، وسيضطر الفريق لدفع ضريبة مكلفة في النهاية بخسارة اللقاء، ولتأكيد ذلك يمكن إلقاء نظرة على مؤشر الأهداف المتوقعة للمباراة xG والذي تفوق فيه أرسنال نسبيا بواقع 1.52 هدف بينما سجل اليونايتد معدل 1.47 على الرغم من تسجيله لثلاثة أهداف، وهو ما يعكس حالة الارتباك الملازمة للفريق حينما يتعلق الأمر بالزيارات الخمس السابقة لأولدترافورد فمن إجمالي 5.7 هدف متوقع سجل اليونايتد 9 أهداف، في حين تطابق عدد أهداف أرسنال المسجلة والمتوقعة 7 من 7.5.

خسارة أرسنال لا تعبّر عن حال الفريق وأدائه خلال دقائق الشوطين، وبرغم استقبال الفريق لهدفين آخرين إلا أنه أظهر جودة عالية في فرض أسلوب لعبه وسعيه الدائم للهجوم حتى بعد إدراكه التعادل، وهنا دفع أرتيتا تكلفة الإندفاع! دفاع الخط المتقدم الذي اختاره أرتيتا منح تين هاغ ترياق النجاة بنقاط المباراة الكاملة، فلا كانت رهاناته على غابرييل وساليبا ناجحة في الفوز بسباقات السرعة أمام راشفورد والبقية، ولا حتى مصيدة التسلل كانت ناجحة لإيقاع هجوم اليونايتد بها. نظريًا هنا كانت المشكلة، وفنيًا يمكن التعبير عنها توازيًا مع عدم تطبيق الضغط العكسي بكفاءة وهو ما استغله ايريكسن في تمريراته العمودية المتكررة، وبدون الاكتراث لمفهوم الرقابة الوقائية لتتسم تحولات اليونايتد بطابع الخطورة؛ بل والإيذاء الذي أنتج هدفين.

الخسارة في ملعب أولدترافورد مبررة ومحاولة تصويرها بأنها كارثة لا تعبر حقيقة عن الظروف التي جاءت بها، فليس من المنطقي أن تتحدث عن استمرار فريق ما في تحقيق الانتصارات، كما أنه سيكون من غير المنصف أن تنكر حقيقة أداء الفريق الجيد بل الجيد جدًا، وهو ما لن تعبّر عنه النتيجة بشكل واضح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى